العقل الحديث وهمومه

إلــــــــــــــى

 

هل لدى العرب حداثة؟ و ما معنى العقل الحديث؟.

و هل للحداثة أدوات خاصة بها، و تؤسس لقطيعة معرفية مع الماضي، أم أنها تطور أساليبها، بالانطلاق من مفهومات و ركائز موجودة. هذه الاسئلة كانت ضرورية، في وقت، تحاصرنا فيه النوايا و الخطط، و في لحظة مفصلية من تاريخ المنطقة بشكل عام، و المشهد الدولي بشكل خاص.

وللأسف ما يجري لدينا هو انعكاس لما يتفاعل لديهم تحت السطح، و تحصيل حاصل لمنطق الحضارة، و التي رأى فوكو منذ الستينات، أنها صناعة أو سلعة، للأقوى.

وجهنا السؤال لنخبة من الأصدقاء، مع نخبة من الرموز الثقافية التي دخلت ضمن شبكة سلطة المعرفة.

وأدناه الأجوبة، و قد راعينا في ترتيبها، تسلسل الحروف في أسماء الأساتذة المشاركين.

لهم جميعا كل التقدير و جزيل الشكر و المحبة.

 

 ويتكون السؤال من ثلاث نقاط أساسية كما يلي:

- ماذا نفهم من العقل الحديث؟.

- هل هو بداية جديدة أم أنه يبني على ما قبله؟.

- وكيف تعامل العرب مع الحداثة، والقطيعة المعرفية المرتبطة بها؟.

وأدناه الإجابات كما وردت من المصدر دون تعديل إلا فيما اقتضته الضرورة.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

أحمد بزون

شاعر وناقد / لبنان

 

عصر مابعد بعد الحداثة

في البداية لا شك في أن العرب خافوا الحداثة، مع أنها ليست انقلاباً على ثقافتهم، ولا على ثقافة سواهم، إنما هي شكل من أشكال التقدم وتطوير أدوات المعرفة وأساليب الحياة.

رفض النظام العربي عموماً الحداثة خوفاً على أن يطاله أي تغيير يمكن أن يحصل، ومع ذلك لم تكن هناك إمكانية لإغلاق نوافذ العرب في وجه الحداثة التي سرعان ما تسللت إلى مجتمعاتهم الواحد تلو الآخر، وإن تأخرت حوالى نصف قرن على مستوى معظم أنواع الإبداع.

والآن يعيش العالم تغيرات دراماتيكية على مستوى الإبداع، إلى درجة تداخلت فيها الفنون والإبداعات المختلفة. وبدأنا نتحدث ليس عن الحداثة التي عبر عصرها في العالم المتقدم، ولا عما بعد الحداثة، وإنما عما بعد بعد الحداثة.

إن ثورة التكنولوجيا وبعدها ثورة الانترنت جعلت العالم في مكان آخر، أو في مرحلة مختلفة.

صحيح أن أرجاء العالم تختلف في مستوياتها على هذا المستوى بين مبتكر ومستهلك، أو بين مبدع ومقلد، لكن العالم لن يتوقف لتبحث به الصفوف المتأخرة!

لذا يمكن القول أن العرب لا يستطيعون أن يقاطعوا أشكال العصر الجديد، لكنهم يخطون نحو الاندماج بخطوات بطيئة.. لا نريد أن نظلم عقل الفرد العربي حيث اندمج على المستوى الفردي الكثير من المبدعين العرب في التيارات الإبداعية الجديدة، أما على مستوى الأنظمة والمجتمعات فلا تزال مظاهر التخلف طاغية للأسف.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

أولغا زيلبيربورغ Olga Zilberbourg

قاصة و محررة أدبية / روسيا

ترجمة : صالح الرزوق

 

المنطق مهمة للحداثة

العقل الحديث،، هذا سؤال مهم. و أتساءل إذا كان "حديث" يعني العقل العلماني. لو أن الحداثة حملتها أجنحة عصر الاكتشافات العلمية، و نظرية التطور، و عزل المعتقد الديني عن الجسم البشري، فإن العقل يكون موجودا في فهمنا للحداثة الإنسانية.

و بغياب المعتقد الديني، تأثر التفكير المدني بما يخص تشكيل العقل  بعمق بحوار الطبيعة مع الطبيعة--  لأية مسافة يعتمد عمل العقل على ما ورثناه من أسلافنا، و لأية مسافة تشكل بالتعليم و الإبداع؟. .

بالنسبة للكتاب، هذا الحوار انتقل بلغة "الموهبة الطبيعية" مقابل اخلاص الشخص لمهنته. و لو ان الكتاب في العهود المنصرمة وصفوا مصادر إلهامهم على أنها تأتي مباشرة من الله و من قوى من خارج حدود أجسادهم، فإن الكتاب المحدثين -- باستثناء المتدينين المتعصبين-- برروا كتاباتهم بالنشاط العقلي و الفكري. و في كتاباتي، غالبا أحاول أن اتجاوز شعوري بالحدود الطبيعية التي أعاني منها. فأنا اعمل بالإنكليزية، و هي لغتي الثانية، و مع أن هذا يبطئ تدفق أفكاري، غالبا يسمح لي بتطوير الفكرة على نحو جدي و بأنماط غير مألوفة في اللغة الروسية، لغة لساني الأم.  و أيضا أضطر للانتباه في عدة آنات إلى أن منطق قصة واضحة بنظري لا يكون واضحا لقراء اللغة الانكليزية، و لذلك أعود للمسودة و أدققها-- ليس بالضرورة لتحوير المنطق المتبع فيها، و لكن لزيادة شفافية الحاجز اللغوي.

إن مشكلة المنطق مهمة للحداثة-- فالمنطق يركب التواصل، و المنطق نفسه هو نتاج الثقافة. و قد استغرقت خمسة عشر عاما من الكتابة بالإنكليزية لأفهم أنني أحتفظ بأهم المعلومات و لا أكشف عنها قبل نهاية القصة، لكن قراء اللغة الإنكليزية يتوقعون الكشف عن أهم جزء من الحبكة في بداية القصة. و يتوقعون أن تجيب على "لماذا نحن نقرأ هذا؟"، في أول أو ثاني فقرة. و لكن قراء الروسية يفضلون لعبة الاستغماية. و هم يحبون انعطافات غير متوقعة في الطريق. و باكتشاف هذا الفرق، بدأت بالعزف على أوتاره لأتقن كتابة قصص متفردة يمكن أن تأسر لب الطرفين.

وهكذا، يمكن الإجابة عن السؤال بطريقة أخرى، فأنا أرى أن التحدي الأساسي للعقل الحديث يكون في الحاجة المستمرة للتصعيد فوق حدوده، و لتقبل وجود أفكار و حقائق هي وراء قدراته على التنبؤ، و علاوة على ذلك للمواظبة على قضم الفروقات. و الناس غالبا ما يتكلمون عن عالمنا و يتوقعون أن يتداخل و يتشابك، و لكن من عدة زوايا أرى هذه التداخلات سطحية، ولا يزال هناك متسع للبحث عن أسلوب لتعميق و إغناء نقاط التماس بين الثقافات والحضارات.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

سمير عبدالجبار

ممثل ومخرج مسرحي / فرنسا

 

عضلات المخيلة

يبقى الحديث عن الحداثة غامضا كفعل معرفي لو لم ينطلق من واقع التجربة ، والعمل فيها ، وبها . لهذا أرتأيت أن أجيب على سؤال الحداثة من واقع التجربة كممثل مسرحي أعمل بالتوازي مع خلاقين كبيرين في المسرح الحديث والمعاصر . المخرج الكندي المعروف عالميا روبير لوباج مؤسس مسرح الصورة ،  والمخرجة الفرنسية العالمية اريان موشكين مؤسسة مسرح الحاضر "  مسرح اليوم "  في مسرح الشمس الفرنسي العريق .  تنطلق رؤية الأول من نظام درامي منفتح على ماتوصلت آلية التقنيات الحديثة ،  والتكنولوجيا . واستخدام الموجات الضوئية ، وقياسات الصوت وتدرجاته لتكون فعلا مؤثرا في سير العمل ، وعنصر ابتكار للتواصل مع المتلقي من دون الحاجة إلى تكثيف النص ، أو التسلسل التقليدي لزمن العمل . في عملنا الحالي ، والذي نتدرب علية منذ سنة تقريبا يستلهم المخرج معاناة، ومصائر أمة الوندات الهندية في شمال أمريكا. والتهميش والعنصرية لكنه بدلا من أن يجعل الحبكة الدرامية، وتسلسل أدوار الممثلين تتحدث بهذا الفعل الدرامي موصلة الفكرة، استخدم لغة حديثة ومعاصرة من أجل سرد وقائع وأحداث هذه الأمة بالصورة، والصوت رغم أن الشكل الفني مستوحى من تقاليد أمة غارقة في القدم. ففي مشهد لقِس مسيحي يصرخ من الشباك لإبعاد مجموعة من الهنود من أرض الدير استخدم المخرج أكثر من خمس كامرات فديو لخلق حالة المناداة البصرية مع أصوات الممثلين المتابعة لها. أما المخرجة الفرنسية أريان موشكين فهي تعمل على مسرح معاصر وجديد على مستوى الشكل الفني . رغم أنها تستوحي طقوس العمل، وعناصره من تقاليد مسرح الشرق في الهند، واليابان، والصين. واحدة من حداثة ، وعصرنة المسرح اليوم هو التخلص من النص،  واعتماد الجسد كلغة تعبيرية. فاليوم هناك أكثر من بيداغوجية جديدة تفرض مبادئها في رد الاعتبار لجسد الممثل، وليس للنص المنطوق. كثيرا ماتردد المخرجة موشكين أن للخيال ، والمخيلة عضلات يجب أن تتدرب، وتنمو، وتقوى لتبتكر. وهذا هو ربما حسب قناعتي انطلاق من مفهوم حداثة العقل التي يستلهمها المبدع كمخيلة تنضج فعل الخطاب مع المتلقي .

أعتقد أن الشرق ، والعالم العربي بتقاليده الساكنة ، وموروثاته المحكمة يبقى أسيرا لواقع نمطي التفكير في مجال الثقافة المبدعة لأن استخدام الساحرين روبير ، و موشكين لمفاهيم الحداثة في عملهما هو انعكاس ، أو امتداد لواقع حداثي يعيشه الغرب بتآلف ، وتطبع مازلنا نفتقده نحن العرب . في المقابل لايمكننا نفي تجارب فذة في عالمنا العربي تعتمد المفهوم الحداثي التجريبي في كامل الفنون لكنها تمثل تأثرا معرفيا وفكريا بتجارب الغرب وليس تأصيلا لواقع حداثي عربي قائم .

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

سكوت ماينارScott Minar

 شاعر ومترجم / أمريكا

ترجمة : صالح الرزوق

 

العقل الحديث والإبداع

ما هو العقل الحديث؟ إنه سوال صعب!. وبرأيي، من غير الممكن أو أنه مستحيل أن تعزل فكرة العقل الحديث عن ما قبله، وبكلمات أخرى عن خلفياته التاريخية، فهي المسؤولة عن طريقة واتجاه تطوره. لو أننا نقصد بالعقل الحديث الحالة الراهنة للمثقف بشكل عام، يمكنني القول إنه الوعي الفردي والثقافي وربما العالمي والذي يستجيب للتحديات التي نواجهها في الحياة والعمل وذلك على امتداد بلدان ومجتمعات هذا العالم.

والوعي صفة فردية تعتمد على نفسية الناس. ولكن يمكن أن نرى ن الإنسان يتأثر بعمق بعائلته، ومجتمعه، وبيئته، وبالتأكيد بالظروف.. الحالة الاجتماعية والفرص. والعقل الحديث كما نعبر عنه جميعا هو نتيجة لتلقي المعارف والتمرينات المرافقة في جو ثقافي ونسبي تحدده فرصنا التعليمية وسياقها أو البيئة.

وأهم صفة في العقل الحديث أنه مستمر ومتبدل حسب المتطلبات والتحديات في عالم متغير بسرعة وبطرق غير مسبوقة- وغير مسبوقة تحيل هنا إلى التبدلات في التكنولوجيا والمعرفة العلمية العامة، وهي متقاطعة مع طرائق سلوك البشر، وتصرفاتهم والعمل الذي يمارسونه، مهما كان معنى العبارة الأخيرة. أما قدراتنا على الهدم فقد أصبحت مؤثرة جدا وأكبر من قدراتنا على البناء. ولكن التاريخ أثبت أن قدرات الإنسان على التعاطف وتحقيق السلام مؤثرة أيضا. وأنا أنظر إلى السلام في جنوب إفريقيا مثلا، على أنه سلام لم يتوقعه أحد أو أعتقد أنه مستحيل. وهو من أفضل الأمثلة على طريقة عمل ونجاح العقل الحديث.

ولكن من الصعب بالنسبة لي أن أقول إن الحداثة أنتجت ما يمكن أن تعتبره بداية طلزجة وبريئة. لا شك أنها قدمت لنا أدوات جديدة، وخيارات جديدة للتفكير ولحل المشاكل، وقد ابتكرت أيضا ممرات تقودنا إلى المستقبل. ويبدو لي أن البشرية واجهت مصاعب أو أنها خلقت المشاكل بين قدراتها على الممارسات القاسية وغير الإنسانية ، ولا سيما في استعمال القوة المفرطة، وبين قدراتها على الإعراب عن الحب والتعاطف، أو ربما عن نوع من الحياد أو الموقف المحايد تجاه الآخرين.  حتى الآن إن الحداثة تضع ثقتها وثقلها في التفكير النقدي وفي التخلي عن التعصب الذي قد نرثه من الماضي، وتفضل الاستعداد لسلوك اتجاه مفتوح على المستقبل. ولكن الاختيار الأساسي بين الخير والشر، أو اتباع سلوك يتحلى بأساليب واضحة ومفهومة لدى الجهات العلمانية (و ضع الآن في ذهنك معارضة جورج أورويل للبربرية بأي شكل من الأشكال) كما يبدو لي هو نفسه ولم يلحق به التبدل. ولذلك علينا واجب المحاولة بكل جهودنا لخلق عالم نحب أن نحيا فيه وعالم نرغب لأولادنا وأحفادنا أن ينعموا به.

وباعتبار أنني من الغرب لا أعتقد أن كلام إنسان غريب سيكون مفيدا لموضوعل من هذا النوع. ولكن أود أن أقول إنه على كل الناس مواجهة ومقاومة مشاكل خاصة بالمتغيرات وضرورة التأقلم مع الوقت. إنه علينا أن نتأقلم بالأساليب التي نعتقد أنها صحيحة. ويبدو أنه في العالم توجد عدة ثقافات تواجه الصراع بين رواسب الماضي ومتطلبات الوقت الحاضر والمستقبل. ولست متأكدا أن أي ثقافة ترد على هذه التحديات بطريقة صائبة حاليا، وإن ما أعرب عنه  ليس حكما جازما ولكنه ملاحظة عن طبيعة الاستجابة المفترضة حيال هذه التحديات. نحن نشترك جميعا بضرورة الاحتكام للتقاليد التي لا تزال فاعلة ومقبولة، مع لفظ الأشياء القديمة التي لم تعد صالحة، وقبول المتغيرات التي فكرنا بها طويلا، مع الحذر من السلبيات والمخاطر الكامنة قدر استطاعتنا. وهذا يبدو معقولا ومفيدا. ولكن من طرف آخر، الخوف عقبة تؤخر التحرر من الماضي واختيار مستقبل  أو حاضر جديد.

في رأيي الإنسانية والتعاطف مع الآخرين واجب مركزي يوجه القرار ويقودنا لإدارة وضبط مصادر الخوف والرعب. ودون هذه المشاعر نكون عرضة لخطر الانزلاق في سلوك تدميري. أضف لذلك الإنسان بحاجة للأمل.

‏وهو ليس خيارا- فكل الناس بحاجة له حكما. ولأن  الخوف حائل دونه من الضروري أن نتحلى بالشجاعة وأن نستمع لرأي الآخرين وأن نتأكد أننا أخذناها باعتبارنا. ويجب أن تكون قراراتنا الهامة قرارات شاملة. ولكن لتحقيق التماسك في المجتمع نحتاج للتعاطف بين الأعضاء. وهذا التعاطف هو من أصعب المشاعر التي تعوزنا. وهناك قانون قديم وأبدي يؤكد أن الحقد لا يتولد عنه غير الحقد. وبالمحبة فقط يمكننا الشفاء منه. وربما ما يحمينا في النهاية هو مفهوم التوازن والمحافظة عليه. فهو الدفة التي تقود السفينة بأمان .

 

 

 

 

 

 

 

 

 

عزيز أزغاي

شاعر وفنان من المغرب

 

في محبة العقل والجَمال

على الرغم من الإنجازات الهائلة التي حققها الإنسان منذ وجوده الأول على هذه الأرض، وهي الإنجازات التي بلغت مداها العلمي خلال القرن العشرين ومطلع القرن الحادي والعشرين، إلا أن ذلك لم يشفع له، حتى الآن، في تجاوز الإيمان المطلق بما يقع على هامش إعمال العقل، سواء في التفكير أو في الممارسة. هذا الحنين إلى الالتباس والغموض وإلى تفسير الواقع الملموس بما يرتفع عليه، أخذ منحى أكثر راديكالية، من خلال عودة العقل الديني إلى التأثير في صناعة الحاضر واقتراح بدائل للمستقبل، الأمر الذي يمكن اعتباره لحظة انتكاسة للعقل والمنطق وللمادة. ولعل ما وقع خلال السنوات القليلة الماضية في منطقة الشرق العربي، مع عودة إلى إحياء نزعة التطرف الديني ممثلا في تنظيم داعش وما شابهه، يبقى خير دليل على هذه العودة النشطة إلى عماء الفكر.

وإذا كان التحليل البسيط للأحداث والوقائع يؤكد، بما لا يدع مجالا للشك، أن هذه العودة المحمومة إلى الوراء قد هُنْدِستْ في ليلٍ، ومن قبل قوى خارجية سخرت مكر عقلها السياسي الحديث من أجل إعادة ترتيب خارطة العالم، فإن ذلك لا ينفي، في المقابل، استمرار هذه الثنائية، عقل/تفكير غيبي، في التأسيس لكل ما ينتجه الإنسان، إن في الفكر والإبداع، أو مجرد التأمل المحايد في تفاصيل العالم وفي مصائر باقي المخلوقات. ولعل هذا الأمر هو ما يؤكد أن هذه الازدواجية ليست حكرا على أمة دون أخرى، أو حضارة بعينها أو شعب دون سواه، وإنما هي علامة فارقة على طبيعة الكائن البشري، في الماضي كما في الوقت الراهن.

بهذا المعنى، قد لا نستطيع الحديث، بإطلاق وبوثوقية، عن وجود عقل خالص، حديث ومكتسح، بقدر ما هناك هيمنة نسبية لعقل معين مع وجود نقيض له في نفس الوقت؛ ليس فقط بين شعوب وأمم مختلفة، وإنما أيضا بالنسبة للشعب الواحد، مهما ارتفع مؤشر تطوره وإيمانه بالعقل. الجميع يتذكر، على سبيل المثال لا الحصر، طبيعة تلك الخطابات السياسية المشبعة بالفكر الديني اللاهوتي، التي كان يوجهها جورج بوش الابن للشعب الأمريكي ولباقي شعوب العالم الغربي المتحضر، لتبرير قرار اجتثاث الحضارة العراقية، التي كان يعتبرها عدوة من الدرجة الأولى. لقد انتهى الأمر في الأخير إلى اعتبار ذلك مجرد حيلة سياسية سمجة انطلت على عقل العالم المتحضر؛ بمعنى أننا كنا، والحالة هاته، أمام لحظة فشل ذريع لمسوغ إعمال العقل وقيمه الإنسانية النبيلة، مقابل انتصار بل هيمنة الفكر والخطاب الدينيين الغيبين على تواتر الوقائع وتطور الأحداث.

على أن عدم القبول بهذه الثنائية المطلقة في المجال الثقافي وفي حقل التفكير العلمي قد تجد لها مسوغا في سيرورة وفي دينامية الفعل الإبداعي، وفي الفن التشكيلي تحديدا، باعتباره مجالا يخاطب المناطق الغامضة في تركيبة الإنسان، أي أنه استثمار مطلق في الحلم، بالشكل الذي يجعله قرينة تفوق حدود الخيال. إن التشكيل، بهذا المعنى، لحظة استراحة من أثقال العقل ومن انضباطه الصارم لسؤال المعنى، كيما يستطيع الإنسان الحفاظ على تلك المنطقة الرمادية، غير اللاهوتية، التي تصله بالواقع، بعلاته وتناقضاته المرة وهيمنته التي تجرد الروح. ولعل هذا الطموح هو ما جعل التشكيل، على غرار الموسيقى، يحوز "أفضلية كبيرة، لكونه يقول كل شيء دون ذكر أي شيء".

هذا الانجذاب نحو الضفة الأخرى للعقل، بما هو إقامة واعية وناضجة في الشيء ونقيضه، هو ما سبق للمعلم بول كلي أن أومأ إليه حين اعتبر "الفن يَعْبُرُ الأشياء الملموسة، إنه يقود إلى ما وراء الواقع أكثر من الخيال"، وهو نفس الطموح الذي عبر عنه بيكاسو ذات تأمل، حين ذهب إلى تفسير طبيعة الحدود الفاصلة بين الإبداع "الأصيل" الذي يعتمد على سجية الخيال، والإبداع المصطنع، الذي ينحاز إلى إملاءات العقل واشتراطاته، وعلاقتهما بذات المبدع. حيث اعتبر أن "اليد تقوم بكل شيء بدون تدخل من العقل". وهو كذلك نفس ما عبر عنه أنغر بصيغة أخرى من خلال قوله "إن الفنان الذي يعتمد على بوصلة يستند على شبح".

ربما كان في الوعي بهذا الفعل المركب والخطير - الذي يراوح بين الإيمان بضرورة العقل وقيمته الإنسانية والحضارية من جهة، والسعي، بنفس درجة الإيمان، نحو التأسيس لفعل إبداعي فني خلاق يستثمر في أراضي الحلم والخيال من جهة ثانية - ما يؤكد على تلك الاستمرارية المتجددة والمجددة التي وعاها كبار الفنانين، عبر مختلف فترات تاريخ الفن في العالم، وهم يُجِهدون أنفسهم من أجل استدعاء متاع الآخرين، قبل التفكير في إعادة النظر في هذه التركة الفنية الإنسانية العظيمة، بتجاوز أعطابها، وإضافة ما بدا لهم قيمة مضافة تصل السابق باللاحق، وفق تصورات فنية جديدة تمليها الذائقة الجمالية الخاصة، كما تفرضها متغيرات العصور والأزمنة والخصوصيات الحضارية والتاريخية.

بهذا المعنى، لا أحد يستطيع أن يزعم الانطلاق من "بداية جديدة" أو ممارسة طهرانية جسورة "تنطلق من الصفر". كل ما نقوم به لا يعدو أن يكون تمرينا يوميا قاسيا على إضافة مجرد إيماءة فنية إلى تاريخ من الإيماءات والإشارات والرؤى الخلاقة التي كرسها أسلافنا من فناني البشرية. بعض هذه الإيماءات (بعضها فقط) هو ما يخلق الانعطافات التاريخية الكبرى، التي تساهم في تغيير أدوات التفكير، كما أنها تمرن الحواس والأذواق على طُرُقِ استقبالٍ وتَمَثل جديدين، بما يُثَمن افتراض البناء على ما وجد سلفا. جميعنا يتذكر ذلك الاستثمار الذكي للفن البدائي، خاصة القناع الإفريقي والمصري الفرعوني، والمنحوتات الأوقيانوسية والإيبيرية، التي أنقذت التصوير الغربي الحديث، في مطلع القرن العشرين، من لحظة احتباسه الكبرى، وكيف استطاع فنانو هذه المرحلة، خاصة جماعة مون مارت الباريسية، تجاوز قرون من الإملاءات الفنية الأكاديمية لإبداع ملامح أبجدية الفن الحديث في شقه التجريدي، الأمر الذي اعتبر فتحا مبينا لمسار الحداثة في الغرب وفي العالم.

على أن هذه الدينامية الغربية الحديثة، التي راهنت على تطوير الأساليب الفنية وتجديد الرؤى والأذواق الجمالية وتحديث الأفكار النظرية، يكاد يقابلها سكون مطبق واطمئنان كامل لمنطق القبيلة والمذاهب الدينية والهوية القومية في التفكير وفي الممارسة الفنية على المستوى العربي. ويرجع السبب في ذلك إلى خصوصية بنية العقل العربي نفسها، حيث مازال العرب لم يستسيغوا بعد انقضاء أجل تأثيرهم الحضاري، مع ظهور قوى جديدة غير عربية، أصبحت تحكم العالم. هذا الحنين المَرَضي إلى الماضي، أصبح يعيق ليس فقط تَكَيف العقل العربي مع دينامية الحاضر وما بات يفرضه من متغيرات ومستجدات فكرية وعلمية وحضارية، وإنما أيضا بات يمنعهم من إجراء مراجعة نقدية ذاتية شجاعة تضعهم وجها لوجه أمام واقعهم المتخلف المسكون بهاجس عظمة آفلة.

فنيا، يمكن اعتبار الأمر مختلفا بعض الشيء، بالنظر إلى التماهي الذي حصل للفنانين العرب، خلال القرن العشرين وإلى اليوم، مع ما تنتجه الذائقة الفنية الغربية، سواء من منطلق إعادة استنبات ما ينتجه الآخر وتكييفه مع الخصوصية العربية أحيانا، أو بالاستفادة منه والإبداع على منواله في أحايين أخرى كثيرة. على أن السؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح، في هذا السياق، هو ما السبيل إلى الخروج من هذه المنطقة الملتبسة؟ وكيف ينبغي التعامل بذكاء نقدي مع هذه اللحظة التاريخية المشوبة بغير قليل من الهوان؟.

ما هو مطلوب، في اعتقادنا، هو ضرورة اقتناع العرب بأنهم باتوا يشكلون مجرد رقم صغير (حتى لا نقول مجرد حطب) في مطبخ صناعة المستقبل المنظور، إن على المستوى السياسي أو الاقتصادي، وبدرجة أقل على المستوى الفني. ومتى ترسخت هذه القناعة المؤلمة في الأذهان أمكنهم الانتقال، بعدها، إلى مرحلة استيعاب شروط حداثات العصر، التي لا تستقيم إلا بإجراء عدد من القطائع المعرفية اللازمة، وفي مقدمها:

1- القطع النهائي مع خيار الزج بالدين في ممارسة الحكم وتدبير الاختلاف،

2- التسلح بالشجاعة الكافية للإجابة عن أسئلة الواقع بكل تجرد وموضوعية واستقلالية،

3- صياغة بدائل مجتمعية واقعية تحترم ذكاء الإنسان العربي وتضمن حريته ومواطَنَته،

4- تمثل الآخر/المختلف ليس باعتباره جحيما، وإنما قوة دفع مساعدة على تجاوز إخفاقات الذات وهناتها،

5- وأخيرا وليس آخرا، تمْهير العقل العربي على تنسيب الحقائق، وتربية وجدان الأفراد وأذواقهم على محبة الجمال والانخراط في إشاعته بين الناس.

خلاصة القول، قد يعتبر قارئ هذه البدائل أنها غارقة في الرومانسية الحالمة، إلا أنها تبقى، مع ذلك، حلولا ممكنة لتجاوز كوابيس وخرافات ماضي وحاصر الإنسان العربي، الذي ما زال لم يحسم بعد في طبيعة العلاقة التي ينبغي لها أن تحكم تعاطيه مع أسئلة حاضر ومستقبل البشرية والعالم.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

فيليب تيرمان Philip Terman

شاعر وأكاديمي / أمريكا

ترجمة : صالح الرزوق

 

الدين والحداثة

يبدو أن "العقل الحديث" مرتبط بالعلم والتكنولوجيا ووسائط الاتصال الفائقة والمعقدة. بالنسبة للأدب يجب أن تكون له معان مركبة ذات مفارقات، إلى آخره. "الحداثة" - نقد للتقاليد، وممارسة للحياة بحضور وسائل اتصال أوسع، ولكنها أيضا هدامة  بشكل ملحوظ وتلحق الدمار بالبشر.

وهي  تعرف بشكل أعمق موضعنا من الكون، الذي يحتل الله مركزه أو الذي تغلب عليه صفة وجودية وذاتية- يكون المركز فيها للمسيح مثلا أو كافكا وآينشتاين وفرويد.

نعم، أعتقد أن الحداثة تبني على أسس سابقة، ولكنها تنتقد تلك الأسس. ولكن لست متأكدا كيف أجيب عن دور العرب. إنما يمكن القول أن اليهود انقسموا (كشأنهم دائما) لجماعات- ويبدو لي أن التطرف تزداد مساحته، من الأرثوذوكسية والتعصب وحتى التحلي بروح الليبرالية كما هو حال اليهود غير المتدينين. هذا الانقسام أعتقد أنه موجود في الأديان الأخرى والإيديولوجيات على مختلف أنواعها. وعموما الحداثة تصور عالما مجزءا بين مختلف الاعتقادات. وبعضنا يرغب أن ينظر للخارج ليعيش في مجتمع عالمي متعدد القوميات وآخرون يختارون العكس- الانتماء أو الإيمان القومي

الحداثة أيضا تحمل قدرات إبداعية، فالإبداع يوجد في المؤسسات الديمقراطية ويركز على الفردية حتى لو فقد بعض العناصر المحلية ذات المردود النفعي.

وفي الغرب، نحن نسمع بالكتاب "الحداثيين" أمثال جيمس جويس، وت. س. إليوت ، إلخ، وتعكس كتابات هذه الزمرة وعيا يتضمن الماضي والتقاليد. وهذا ما يفصل بين الحداثة وما سبقها- فالعقل الحديث ينطوي على الماضي.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

قصي الشيخ عسكر

قاص و روائي / إنكلترا

 

المصالحة مع الحاضر

العقل الحديث وفق رأيي هو التعامل مع المعاصرة من أجل وضع خط للمستقبل ومحاولة تلافي السلبيات وما هو غير متوقع أما العقل العربي فيعني التعامل مع الماضي الدين والتراث لغرض التوافق مع الحاضر وتلك مسالة بدأها المفكر محمد ارغون ومحمد عابد الجابري  واعتقد اننا نحن العرب لم ندخل مرحلة العقل الحديث بعد فمازالت المسائل الدينية والتراثية تشغلنا وبدلا من المصالحة مع المسائل الخلافية وتطوير الماضي وتطويعه للحاضر وسعنا الهوة فيما بيننا، لذلك فقضية العقل الحديث تبدو أبعد من قدراتنا الحالية ولا نستطيع ان نضعها في ميدان التجربة المعمقة لإيجاد ميزان وخطة مستقبلية، المفروض بالعقل العربي أن يتجه نحو الحادثة بعد ان يوجد مصالحة بينه والحاضر وإذا به ينتكس  والنتائج الآن خطيرة. المجتمعات أخفقت في جعل الوحدة القومية حقيقة وإذا بالدولة القطرية تتفكك الى دويلات. إن العقل الحديث يعني السعي للتكيف مع المستقبل وعقلنا العربي مازال لم يتكيف مع الحاضر لكونه مختلفا في الماضي.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

كيتا باردول Gitta Pardoel

معمارية ، وفنانة ، واستاذة  في أكاديمية الفنون / هولندا

ترجمة : علي رشيد

 

الحداثة جاءت قبل الحرب العالمية الأولى كاعتقاد بحقيقية معينة كأن تكون الدين ، الايديولجية أو أي رمز يبرهن على معتقدها بأن المستقبل سيكون أقل تعقيدا لوجود الفرد . في العمارة مثلا توّجت الحداثة من خلال تصوّر جديد لحياة الناس فبدأت المباني تنحاز نحو البساطة ، والفضاء ، وتمكين الضوء ، والهواء من أن يكون لهما دور فاعل في الفضاء العام للعمل ، وكذلك في استخدام عناصر جديدة للبناء . الاختلاف مابين الحداثة وبعد الحداثة التي جاءت بعد الحرب العالمية الثانية هو اختلاف في المعتقد فلم يعد هناك إيمان بالمستقبل كما هو مقرر من قبل  ، و كذلك تعددت الحقائق بدلا من الحقيقة الواحدة حتى بالنسبة للدين ففي الغرب كان المعتقد ينساق وراء طائفتين هما البروتستانت والكاثوليك. لكن بعد الحرب الثانية أصبح الفرد سيد معتقداته بدلا من الانطواء تحت معتقد الطائفة التي احتكرت لقرون مفهوم الحقيقة المطلقة . في الستينات انشغلت الفلسفة كما عند ديريدا من خلال التفكيكية deconstruction التي أثرت على الأدب ، كما العمارة ، والفن على تعرية الخطاب السائد ، وتفكيك آليات الخطاب الفكري والمجتمعي ، مما ساهم في الدفع إلى استبعاد المركز ، وتفعيل كلّ ماهو مخبوء في الهامش. اليوم نرى أن مابعد الحداثة ، وحتى مابعدها لم تبعد الحداثة عن الواقع ولا تفاعله الثقافي، ففي الفن مثلا يمكننا أن نحكم على عمل تجريدي محض بأنه عمل حداثي ، مقابله هناك استلهام للميديا ، والتركيب ، وكثير من تفاعلات مابعد الحداثة. ولكن تقبل الناس وتعايشهم مع الأثنين حيادي ومألوف . رغم أن الحداثة كانت أكثر تطرفا في فعلها الفكري ففي أعمال موندريان نرى جنوحا نحو التجريد الخالص لاغير ، لكن أعمال فنانين استلهموا معارف مابعد الحداثة التي كما أشرنا عددت الحقائق و دخل  استلهام واستخدام لعناصر الحداثة مع عناصر الماضي كما في العمارة التي بدأت تستعير من العصور الرومانية ، واليونانية ، بل المصرية القديمة بعض أشكالها لاستخدامها في بناء يتواءم مع حداثة الزمن . أما عن العالم العربي فأنا أعتقد أن الشعوب العربية التي تؤمن بحقيقة واحدة ، وهي في الغالب غيبية دينية لاتختلف عن بقية الشعوب التي تؤمن بهذه الحقيقة حتى في الغرب حيث ينظر إلى تعدد الحقائق الذي نادت به الحداثة ومابعدها بنظرة فزع ، وخوف من فقدان الأمان ، والتشتت ، والفراغ الذي يعتقدون أن تعدد الحقائق سيسود في تفاصيل الحياة ومعارفها و ستزلزل الإيمان الذي يجدونه ضمانة لثقتهم بتواجدهم  .

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 منذر مصري

شاعر و فنان / سوريا

 

ماذا نفهم من العقل الحديث؟

بالنسبة لي الجواب :  أفهم العقل الحديث بأنه أسلوب تفكير حديث ، جديد ، معاصر. إلا أنني بهذا لا أفعل شيئا سوى زيادة الصفات. حيث يصير السؤال إذا كان العقل آلية تفكير ، كيف نفهم كونه حديثا أو جديدا. ماهي شروط الحداثة والمعاصرة.

  هل الجواب هو مواكبته لآخر منجزات العلم والفلسفة؟؟ مثلاً

هل هو بداية جديدة، ممارسة إبداعية من الصفر أو مربع أول؟

ليس جديدة بالمعنى القطعي ، بالعكس هو انتقال من مستوى لمستوى .  بدون هذا لا يتحقق التقدم. ولكن فكرة الصفر مهمة بدورها  . القريبة من فكرة الانطلاق الحر ،  فيصير كيف عند كل انتقال من مستوى لمستوى يتحقق ما هو بداية جديدة . انطلاقة أم أنه منعطف يغير من أدوات التفكير باعتبار أن الحديث يفترض البناء على ما قبله؟. وكأني استبقت هذا السؤال بجوابي السابقين. حيث حاولت القول  بأنه بقدر ما هو قطيعة بقدر ما هو نقلة ، استمرار ولكن مغاير ومختلف . و كيف يتعامل العرب مع الحداثة، قطيعة معرفية مع الذات أم استجابة للمتغيرات الدولية؟. لا يتعامل العرب مع الحداثة كحالة معيشة إلا بالتقليد. لأني إذا قلت كاستجابة.. فيجب أن أحدد ما إذا كانت استجابة واعية أم غير واعية..وأنت أقرب لتغليب الحالة الثانية.

يحتاج العرب لانقلاب جذري في آليات اللقاء المجتمعي أهمها الوصول لآليات حكم حديثة ، ديموقراطية، علمانية .  تفتح الطريق للمجتمع للتقدم والتطوربدل آليات حكمه الحاليةالتي تقف سدا وحاجزا دون هذا.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 محمد إسحق

فنان وعميد كلية الفنون بجامعة حلون / مصر

 

العقل الإنساني الحديث

العقل الانساني الحديث أصبح الآن في حوار دائم بين المخزون البصري والفكري المكون من خبراته الإنسانية المتراكمة الذي يمثل مع أصوله الثابتة شيئا ما وبين الواقع المتغير السريع والمتجدد.

نعم هو واقع لممارسات جديده ومتجدده للفكر وتناوله حتى لا يحدث فصام فكري بين الإنسان والواقع المعاش ..وهنا حالة من التكيف والتجدد وهي من متطلبات الابداع ..فيبحث عن الصياغة الفكرية والتشكيلية التي تتناسب مع الواقع الجديد بلغته ومفراداته الجديده وهذا أمر طبيعي..ولا يوجد بناءا على ما تقدم بداية من الصفر بل حالة من المواءمة بين خبراته السابقه والمستجدات المتجدده يوميا وزمانه.

اما في عالمنا هناك نوع من التعامل المقلد والتعامل المثقف المدرك للمتغيرات واستوجاب وجود مداخل ومنهج جديد للتفكير والتناول يتناسب مع الواقع ويحقق له ذاته وتفرده ومعايشته للواقع الجديد.

 

 

يمكن الإطلاع على النصوص باللغة الأنكليزية

 

يتبع

 

started 1 MAY 2010                 email : info@ila-magazine.com

design: gitta pardoel logo: modhir ahmed   © ila-magazine